المغرب:
الاستغلال الاستعماري في عهد الحماية
تعرض المغرب خلال عهد الحماية لاستغلال
استعماري مارسته الشركات الفرنسية بمختلف الوسائل والأشكال.
- فما هي الآليات التي اعتمدها
الاستعمار لاستغلال المغرب في عهد الحماية؟
- ما هي مظاهر الاستغلال الاستعماري
للمغرب في عهد الحماية؟
- ما هي انعكاسات الاستغلال الاستعماري
على الاقتصاد والمجتمع المغربيين؟
1/ اعتمدت سلطات الحماية مجموعة من
الآليات لتسهيل استغلالها للمغرب
1-1/ اعتمد الاستعمار على مجموعة
من الآليات المالية لتمويل إنجاز المشاريع
الكبرى بالمغرب
+ المؤسسات المالية: في مقدمتها البنك
المخزني الذي أنشئ بمقتضى مقررات مؤتمر
الجزيرة الخضراء، ذو رأسمال موزع بين عدة دول أهمها فرنسا. ومهمته إحداث إصلاحات
مالية ونقدية وتقديم القروض للمخزن. إلى جانب عدة مؤسسات للإيداع والقرض مثل
"الشركة الجزائرية"، "القرض العقاري للجزائر وتونس"،
"البنك التجاري المغربي" وكان دورها يتمثل في تسهيل الاستغلال
الاستعماري للمغرب من خلال مساعدة الاستعمار على إنجاز المشاريع الكبرى وتصدير
المواد الأولية.
+ الاستثمارات: توزعت بين استثمارات خاصة
واستثمارات عمومية وشبه عمومية، عرفت تزايدا كبيرا خلال عهد الحماية. شكلت أداة
لاستغلال الثروات المغربية من خلال إنجاز الأشغال والمشاريع الكبرى.
+ الضرائب: فرضت سلطات الحماية على
السكان المغاربة مجموعة من الضرائب والرسوم، عرفت قيمتها تزايدا كبيرا حيث ارتفعت
من 271 مليون فرنك إلى 66.721 مليون فرنك (1920-1954) وشكلت موردا ماليا هاما
لسلطات الحماية.
2-1/ أقامت سلطات الحماية تجهيزات
أساسية لتسهيل استغلال المغرب
+ شبكة الطرق البرية والسكك الحديدية: أنجزت سلطات الحماية
بالمغرب شبكة من الطرق البرية المعبدة (9.000كلم) تربط ما بين المناطق الفلاحية
والمعدنية الكبرى بالموانئ، والطرق الثلاثية (4250كلم) تربط ضيعات المعمرين بالطرق
الرئيسية، وشبكة من خطوط السكك الحديدية تربط بين مناطق استخراج المعادن وموانئ
التصدير.
+ الموانئ: أهمها ميناء الدار البيضاء
الذي دشن سنة 1921 لتصدير المنتجات المعدنية والفلاحية واستيراد المواد المصنعة.
+ السدود: أنشئت مجموعة من السدود مثل سد القنصرة على واد بهت (1935) وسد
إمفوت(1944) والداورات (1950) على نهر أم الربيع وسد بين الويدان (1953) على واد
العبيد وذلك بهدف توفير مياه السقي والشرب وإنتاج الكهرباء.
2/ اتخذ الاستغلال الاستعماري للمغرب
في عهد الحماية مظاهر متعددة
1-2/ سيطرت سلطات الحماية على قطاعي
الفلاحة والصيد البحري بأشكال متعددة
+ قطاع الفلاحة: لجأت سلطات الحماية إلى
مجموعة من الإجراءات لتسهيل الاستيلاء على الأراضي الفلاحية بالمغرب:
- قانون التحفيظ العقاري: قانون أصدرته
سلطات الحماية بمقتضى ظهير التحفيظ العقاري في 12 غشت 1913 الذي يستلزم توفر كل
قطعة أرضية على سند عقاري. وقد استهدفت من وراء ذلك تسهيل استيلاء المعمرين على
الأراضي مستغلة جهل المغاربة بإجراءات التحفيظ.
- الاستعمار الزراعي: اتخذ شكلين:
استعمار رسمي مارسته سلطات الحماية من خلال الاستيلاء على أراضي الدولة والجماعات
وقامت بتفويتها للمعمرين. واستعمار خاص مارسه المعمرون من خلال شراء الأراضي. وقد
استفادت أراضي الاستعمار الزراعي من دعم إدارة الحماية التي وفرت لهم القروض
وتجهيزات الطرق والسقي والآلات الفلاحية...
+ قطاع الصيد البحري: يتوفر المغرب على مؤهلات طبيعية جعلت
سواحله غنية بالثروات السمكية. وخلال عهد الحماية خضع قطاع الصيد البحري لهيمنة
الأجانب وخاصة منهم الفرنسيين الذين كانوا يتوفرون على سفن قوية مجهزة بأجهزة
التبريد.
2-2/ عرقلت سلطات الحماية قيام حركة
تصنيع حقيقية بالمغرب لضمان سيطرتها على المغرب
+ قطاع المعادن والطاقة: هيمنت سلطات الحماية على
قطاع المعادن والطاقة منذ بداية الاحتلال بواسطة شركات اهتمت بعمليات الاستخراج
والتصدير. مثل قطاع الفوسفاط الذي شرع في استخراجه سنة 1922 بواسطة المكتب الشريف
للفوسفاط الذي أنشئ سنة 1920.
+ فروع الصناعة: أقامت سلطات الحماية
بالمغرب بعض الصناعات الموجهة لتلبية حاجاتها وحاجات الجالية الأوربية بالمغرب مثل
الصناعات الاستخراجية التي رصدت لها اعتمادات مالية كبيرة لتوفير حاجاتها من
المعادن والطاقة.والصناعات الغذائية (السكر، الدقيق، الخمور، والمصبرات) إلى جانب
صناعات أخرى كالنسيج والجلد والإسمنت
والمواد الكيماوية.
+ سياسة التصنيع: نهجت سلطات الحماية سياسة تصنيعية بالمغرب تقضي بتوفير
حاجات المعمرين دون الوصول إلى توفر المغرب على صناعة وطنية مستقلة عن التبعية
لفرنسا.
3-2/
+ التجارة الداخلية: أنشأت سلطات الحماية محلات
تجارية صغيرة للبيع بالتقسيط لتوفير حاجات الجالية الأوربية. كما ظهرت شركات
تجارية فرنسية كبرى مثل (Galeries Lafayette) توسع نشاطها
فيما بعد ليشمل المضاربة العقارية والسمسرة وتجميع المواد الفلاحية وتصديرها إلى
فرنسا.
+ التجارة الخارجية: عكست التجارة الخارجية مظاهر
الاستغلال الاستعماري حيث ظل المغرب يصدر المواد الأولية الفلاحية (الحوامض،
البواكر والصوف وغيرها ) والمعدنية (الفوسفاط، الحديد والمنغنيز) والطاقية (الفحم)
ويستورد المواد المصنعة (آلات التجهيز والدراجات) والملابس القطنية والمحروقات والمواد
الغذائية (السكر، الشاي، القطاني). وقد عكست بنية التجارة هذه وضعية الميزان
التجاري الذي ظل يسجل عجزا متزايدا بلغت قيمته 55 مليون فرنك سنة 1950.
3 خلف الاستغلال الاستعماري انعكاسات
سلبية على الاقتصاد والمجتمع المغربيين خلال فترة الحماية
1-3/ عانى الاقتصاد المغربي بشكل كبير
من مخلفات الاستغلال الاستعماري
+ هيمنة الأجانب على أجود الأراضي: استولت سلطات الحماية على
مساحات كبيرة من الأراضي بالمغرب وقامت بتنظيم استغلالها في مجال التعمير
والاستغلال الفلاحي وقامت بتفويت أجود الأراضي الزراعية للمعمرين.
+ تضرر الحرف التقليدية من منافسة
البضائع الأجنبية: عرفت الأسواق المغربية تدفق السلع المصنعة المستوردة التي
نافست منتوجات الحرف التقليدية.
+ تقنين استهلاك المواد الأساسية: أمام ندرة المواد
الاستهلاكية الأساسية لجأت سلطات الحماية إلى تقنين استهلاكها بتوزيع بطاقات خاصة
على الأسر تحدد نوع وكمية المواد الاستهلاكية.
+ ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية: أمام ندرة المواد
الاستهلاكية وارتفاع الطلب عليها ارتفعت أسعارها بشكل كبير وخاصة خلال فترة الحرب
العالمية الثانية.
2-3/ ارتبطت بالاستغلال الاستعماري
انعكاسات سلبية أضرت بمختلف الفئات الاجتماعية:
+ الفلاحون: عانوا من مصادرة سلطات
الحماية لأراضيهم، فتحولوا إلى عمال مأجورين. إلى جانب فرض أعمال السخرة لفائدة
كبار الموظفين والمعمرين، وتأدية مختلف أشكال الضرائب (الرسوم، ضريبة الترتيب،
العشور...) والمساهمة المادية في إنجاز الأشغال الكبرى وتقديم الهدايا وغيرها.
+ الحرفيون: عانوا من ندرة وارتفاع
أسعار المواد الأولية ومنافسة المنتوجات الصناعية المستوردة لمنتوجاتهم التقليدية.
+ التجار: تضررت أنشطتهم بسبب منافسة الأجانب
وتحديد مساهمتهم في رأسمال الشركات الكبرى (%5)
+ العمال: هاجرت نحو المدن الساحلية أعداد كبيرة
من الفلاحين تحولت إلى طبقة عمالية عانت بدورها من الاستغلال الاستعماري (انعدام
التأمين، الحرمان من الحق النقابي، تدني الأجور، البطالة، العيش في ظروف صحية
وسكنية وغذائية متدهورة.
+ الخدمات الاجتماعية: ارتفعت نسبة الأمية (%95) واقتصر التعليم
على أبناء الأعيان، وقل عدد الوحدات الطبية...