إشكالية الوحدة
بعد الحرب العالمية الأولى سقطت
الإمبراطورية العثمانية، ليسفح المجال أمام الهيمنة الاستعمارية على المشرق
العربي.
- فما هي العوامل التي كانت وراء سقوط
الإمبراطورية العثمانية؟
- ما هي ظروف دخول منطقة المشرق العربي
تحت الانتداب الأجنبي؟
- ما هي انعكاسات فرض الانتداب الأجنبي
على منطقة المشرق العربي؟
- ما هي ردود فعل السكان إزاء الانتداب
الأجنبي على منطقة المشرق العربي؟
1/ تضافرت مجموعة من العوامل لتؤدي إلى
سقوط الإمبراطورية العثمانية.
1-1/ مهدت مجموعة من العوامل لسقوط
الإمبراطورية العثمانية.
+ تدهور الأوضاع الداخلية: منذ أواخر القرن 19م
تدهورت الأوضاع الداخلية ل الإمبراطورية العثمانية:
- على المستوى السياسي: فشل المحاولات
الإصلاحية، إلغاء الدستور من طرف السلطان عبد الحميد ونهج سياسة استبدادية، ظهور
معارضة داخلية قوية ضد سياسة السلطان عبد الحميد تزعمتها "جمعية الاتحاد
والترقي" وتزايد الاضطرابات في مختلف أرجاء الإمبراطورية وخاصة في منطقة
البلقان.
- على المستوى العسكري: ضعف قدرات
الجيش العثماني الذي انصرف عن وظيفته العسكرية
نحو الانشغال بأمور السياسة والاقتصاد وغيرها، وعجزه عن المواجهة أمام تعدد
الجبهات (البلقان، ليبيا...)
- على المستوى الاقتصادي: فرض رقابة
أوربية على مالية الإمبراطورية أمام تزايد ديونها إزاء الدول الأوربية وخاصة منها
فرنسا وإنجلترا، وتقلص مداخيلها من الضرائب.
+ تزايد الأطماع الأوربية: شجع تدهور الأوضاع
الداخلية للإمبراطورية العثمانية أطماع الدول الأوربية وخاصة منها فرنسا وإنجلترا
وروسيا.
+ الحركات الانفصالية: أمام تدهور الأوضاع
الداخلية للإمبراطورية العثمانية ظهرت حركات انفصالية انتهت باستقلال عدة مناطق:
اليونان (1829) رومانيا وصربيا (1878) ألبانيا وبلغاريا (1912) في حين دخلت مناطق
أخرى تحت الهيمنة الأوربية: الجزائر (1830) تونس (1881) مصر (1882) ليبيا (1911).
=> تقلص مجال نفوذ الإمبراطورية
العثمانية الذي اقتصر على شبه جزيرة الأناضول والشام وبلاد الرافدين ومنطقة
الحجاز.
2-1/ تعتبر الحرب العالمية الأولى أبرز
العوامل التي عجلت بسقوط الإمبراطورية العثمانية.
+ الأزمات السياسية: برزت عدة خلافات داخل
حكومة الإمبراطورية العثمانية بين النظام الحاكم وجمعية الاتحاد والترقي الشيء
الذي أثر على توجهاتها وخاصة في المجال العسكري عندما رفض وزير المالية الموافقة
على مخصصات وزارة الدفاع.
+ الثورة العربية: استغلت الدول الأوربية
وخاصة منها إنجلترا تدهور العلاقات بين العرب والأتراك لتحريض العرب على الثورة
ضدهم مقابل وعود باستقلال البلاد العربية ونقل الخلافة الإسلامية من الأتراك إلى
العرب. وهكذا اندلعت الثورة العربية في 5 يونيو 1916 بزعامة الشريف حسين أمير مكة
والحجاز وبدعم من الإنجليز
+ مخلفات الحرب العالمية الأولى: انتهت الحرب العالمية
الأولى بهزيمة دول الوسط (ألمانيا، النمسا- هنغاريا و
الإمبراطورية العثمانية) ففرض على الإمبراطورية العثمانية على
غرار باقي الدول المنهزمة توقيع معاهدات تضمنت شروطا قاسية انتهكت سيادتها:
- معاهدة مودروس (1918): معاهدة هدنة
أنهت مشاركة الإمبراطورية العثمانية في الحرب ونصت على: وقف تحرك الجيش
العثماني فورا، عودة السفن الحربية العثمانية إلى الموانئ، استسلام الحاميات
العسكرية العثمانية بالشام وبلاد الرافدين، الانسحاب من منطقة القوقاز، منح
الأجانب حرية الملاحة ووضع قوات عسكرية في مضيقي البوسفور والدردنيل، وحق استخدام
الموانئ والسكك الحديدية والسفن التجارية العثمانية.
- معاهدة سيفر(1920): معاهدة سلام نصت
على: تنازل الإمبراطورية العثمانية عن ممتلكاتها بالمشرق
العربي لصالح فرنسا وإنجلترا، التنازل عن أجزاء من أراضيها في أوربا لصالح الدول
المجاورة، وضع مضيقي البوسفور والدردنيل تحت الرقابة الدولية، تحديد التسلح.
=> سقوط الإمبراطورية العثمانية.
2/ دخل المشرق العربي تحت الانتداب
الفرنسي والإنجليزي بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية
1-2/ خضع المشرق العربي للانتداب
الفرنسي والإنجليزي بعد سلسلة من المخططات الاستعمارية
+ معاهدة سايكس-بيكو: اتفاقية سرية وقعت بين
فرنسا وإنجلترا وروسيا في ماي 1916 نصت على تقاسم ممتلكات الإمبراطورية العثمانية
بالمشرق العربي:
- روسيا: القسطنطينية، منطقة المضايق،
وشرق الأناضول.
- فرنسا: سوريا ولبنان وجنوب الأناضول ومنطقة الموصل.
- إنجلترا: شريط من أقصى جنوب سوريا
إلى بغداد والبصرة.
- منطقة فلسطين تحت نظام دولي.
أصبحت المعاهدة علنية بعد تسلم
البلاشفة السلطة في روسيا وإعلان انسحابهم منها سنة 1917.
+ نظام الانتداب: تبنى ميثاق عصبة الأمم في
المادة 22 فكرة الانتداب على منطقة المشرق العربي كنظام يقضي بإسناد الوصاية على
هذه المناطق لكل من فرنسا وإنجلترا لتقديم العون والمساعدة لها حتى تصبح قادرة على
إدارة شؤونها بنفسها.
+ مؤتمر سان ريمو: أمام توالي المخططات
الاستعمارية برزت ردود فعل في المشرق العربي كان من أبرزها "المؤتمر السوري
العام" (مارس 1920) الذي طالب بإلغاء الانتداب وإعلان استقلال البلدان
العربية ورفض المطالب الحركة الصهيونية بفلسطين. فردت الدول الأوربية بعقد مؤتمر
سان ريمو (أبريل 1920) حيث اتخذت الترتيبات الفعلية لتطبيق معاهدة سايكس-بيكو:
- سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.
- الأردن والعراق وفلسطين تحت الانتداب
الإنجليزي.
2-2/ خلف الانتداب الفرنسي والإنجليزي
انعكاسات سلبية على أوضاع المشرق العربي
+ في سوريا: تمثلت أبرز نتائج الانتداب
الفرنسي في تفتيت وحدة التراب السوري: أصدرت سلطات الانتداب الفرنسي في شتنبر 1920
قرارا يقضي بتقسيم سوريا إلى أربع وحدات:
- لبنان ويضم جبل لبنان، بيروت، طرابلس، صور
وصيدا والأراضي الممتدة إلى الحدود الفلسطينية.
- دمشق وتضم جبل الدروز،
- حلب وتضم الاسكندرونة،
- جبل العلويين ويضم اللاذقية.
كما خلف اجتياح القوات الفرنسية
للأراضي السورية دمارا في المنشآت العمرانية وانعكاسات اقتصادية واجتماعية سلبية.
+ في العراق: رغم تنصيب فيصل بن الحسين
ملكا على العراق وتكوين الحكومة العراقية ظلت السياسة الفعلية بيد إنجلترا من خلال
تعيين مستشارين إنجليز بمختلف الوزارات وتعيين كبار الموظفين من الإنجليز في مناصب
كمفتش الشرطة العام ومديري الصحة والجمارك والزراعة والأشغال العمومية وغيرها.
3-2/ واجه الانتداب الفرنسي والإنجليزي
في المشرق العربي ردود فعل معارضة
+ في سوريا: تمثلت أبرز ردود الفعل
إزاء الانتداب في:
- عقد المؤتمر السوري العام في مارس
1920 الذي نص على إعلان استقلال سوريا، تنصيب فيصل بين الحسين ملكا دستوريا على
البلاد، رفض الانتداب، رفض مطالب الحركة الصهيونية في فلسطين، إعلان استقلال
العراق...
- المقاومة السورية: واجهت قوات
الاحتلال الفرنسي التي كانت تريد بسط سيطرتها على سوريا تطبيقا لنظام الانتداب في
معركة ميسلون في يوليوز 1920.
- اندلاع الثورة السورية الكبرى
(1925-1927) بزعامة سلطان الأطرش: دعت إلى مواجهة الانتداب والمطالبة باستقلال
سوريا وقيام حكومة شعبية وسحب القوات المحتلة من سوريا...
=> اضطرار فرنسا إلى عقد هدنة مع
الوطنيين السوريين سنة 1936 اعترفت بمقتضاها باستقلال سوريا.
+ في العراق: أدى فرض الانتداب الإنجليزي
على العراق إلى اندلاع ثورة سنة 1920 اضطرت معها إنجلترا إلى تغيير سياستها وخططها
العسكرية. وفي سنة 1930 عقدت معاهدة جديدة مع الحكومة العراقية اعترفت فيها
باستقلال العراق مع الاحتفاظ بمصالحها الاقتصادية والعسكرية لمدة خمس وعشرين سنة.
وفي يوليوز 1958 اندلعت ثورة الضباط الوطنيين التي حررت العراق من روابطها
بالإنجليز وأعلنت قيام الجمهورية العراقية.
