مقدمة:
تعتبر سياسة إعداد التراب
الوطني، منظور جديد في التعامل مع المجال الوطني، و هي سياسة هدفها تحقيق التكافؤ
بين مختلف الجهات المغربية في إطار يطور المجال الحضري و ينعش المجال القروي، وفي نفس الآن تخفيف
التباينات الاجتماعية بين مكونات المجتمع.
ü فما مفهوم سياسة إعداد التراب الوطني؟ و أين
تتجلى أهدافها؟ و مبادئها؟.
ü و أين تتجلى الاختيارات الكبرى لسياسة إعداد
التراب الوطني؟.
ü
و أين يتجلى دورها في تقليص هوة التباينات الداخلية؟.
I- سياسة
إعداد التراب الوطني : مفهومها و تحدياتها و مبادئها.
1) تعريف سياسة إعداد التراب الوطني.
تعتبر
سياسة إعداد التراب الوطني، سياسة تنظيمية للمجال الوطني ككل. تُعْنَى بتهيئة و تنظيم المجال المغربي، في إطار شمولي و
تكاملي، يحقق التوازن بين الساكنة و المجال، في إطار يراعي الموازنة بين العنصر
الطبيعي و البشري، و يحترم التنوع المجالي (صحراء جبل سهل... أمازيغي عربي)...
2) تعوق سياسة إعداد التراب الوطني مجموعة من التحديات، وضعت لها الدولة
مجموعة من المبادئ.
أـ تحديات سياسة إعداد التراب الوطني.
التحدي الديمغرافي: محاولة معالجة وثيرة النمو الديمغرافي المتسارع منذ
مطلع القرن 20 م (5 مليون نسمة سنة 1900 م لـ 30 مليون نسمة سنة 2004 م). و في نفس
الآن معالجة أزمات الساكنة من قبيل البطالة و الأمية و الفوارق الاجتماعية...
التحدي الاقتصادي: النهوض بالبنيات الاقتصادية و تطويرها و تنويعها،
لتحسين أداء الاقتصاد المحلي و الوطني، و الوقوف بوجه التحديات العولمة و السوق
الحرة.
التحدي البيئي: الوقوف بوجه تدهور البيئة (ماء و هواء و البحر و
مجال...) و
محاولة خلق توازن بين الموارد الطبيعية و الموارد البشرية. ...
ب- مبادئ سياسة إعداد التراب الوطني. (رسم خطاطة الوثيقة 5 ص 144.)
II-
الاختيارات الكبرى لسياسة إعداد التراب الوطني، و دورها في التنمية المستدامة.
وضعت سياسة إعداد التراب الوطني أمامها مجوعة من
الاختيارات الكبرى، التي اهتمت بها بغية حلها، و تحقيق التنمية البشرية المستدامة.
و من هذه الاختيارات :
تنمية العالم
القروي: بتقليص حجم التباينات المجالية و الاجتماعية، بين المجال القروي و الحضري، و ذلك بتطوير الاقتصاد
الريفي و تنويعه (الفلاحة + التجارة+الصناعة...).
تطوير المجال
الحضري: بتطوير السياسات الحضرية الهادفة لتنمية مجال المدن، من
خلال تطوير الاقتصاد و تنويع بنياته (صناعة+ تجارة...). إضافة لتطوير الوضع
الاجتماعي الحضري، بواسطة تحسين مستوى العيش
و محاربة الأمية و توسيع قاعدة التغطية الصحية...
تأهيل الاقتصاد
الوطني : بدعم
الاستثمار في كل القطاعات الاقتصادية و تطويرها. إضافة لتوزيع الأنشطة الاقتصادية
بشكل متوازن و منظم و مناسب، بين المجال
الحضري و نظيره القروي...
تأهيل الموارد
البشرية: تحسين قدرات أفراد المجتمع، و الرفع من مستوى إسهامهم
في تسير الشأن المحلي، و ذلك بتوسيع قاعدة التعليم و التغطية الصحية، و تحسين
مستوياتهم المعاشية...
حل إشكالية العقار : بمعالجة تعقد البنيات العقارية المغربية (
أراضي الدولة، و أراضي الخواص،
و أراضي الحبوس و الݣيش...)، و السيطرة على المضاربات العقارية و خاصة بالمدن.
ترشيد استعمال
الموارد الطبيعية و الحفاظ على التراث: و هذا بتدبير استعمال عناصر البيئة ( الموارد
الطبيعية)، و الحفاظ عليها لضمان استمرارية الحياة السليمة و الكريمة للمغاربة.
إضافة للحفاظ على الهوية التاريخية المغربية، المتجلية في ترميم و مراقبة المآثر
التاريخية....
III-
الاختيارات المجالية لسياسة إعداد التراب الوطني.
جاءت سياسة
إعداد التراب الوطني، كسياسة تنظيمية للمجال تهتم به و تبحث في سبيل حل مشاكله من
خلال تجاوز أخطاء السياسات المجالية السابقة، التي لم تفلح في تنظيم التراب الوطني
بشكل جيد يتوافق مع خصوصيات الساكنة بمجالاتها.
و من هنا تأسست هذه السياسة على مجموعة من الاختيارات
المجالية الكبرى، التي تعني ملائمة المجال الجغرافي بكل موارده مع الساكنة بكل
خصوصياتها، و منها :
· الأقاليم الشمالية
و الشرقية: و هي المجالات التي تمتد من طنجة لوجدة، و هي مجالات
حدودية مهمة تعتبر نقط ربط بين المغرب و جيرانه الشماليين (أوربا) و الشرقيين
(الجزائر). و نظرا لأهمية هذه المناطق و تشابه خصوصياتها، وجب تجميعها في لحمة
واحدة لتأهيلها اقتصاديا و اجتماعيا، لتلعب الدور المنوط بها.
· المناطق الجبلية:
هي عبارة عن مجالات ذات أهمية خاصة، بحكم أنها مجال ايكولوجي حيوي، يجب الحفاظ
عليها للإبقاء على توازن المنظومة البيئية. كما أن تأهيل ساكنة و اقتصاد هذه المناطق يسهم في تكامل
سياسة إعداد التراب الوطني.
· البحر و الساحل:
يتميز هذا المجال بكونه مورد للعديد من الموارد الطبيعية البحرية، مثل الأسماك و
المعادن... كما أنها مجالات ربط و انفتاح للمغرب على العالم الخارجي. فتأهيل هذه
المناطق يعني ترشيد استعمال الموارد البحرية، و تدعيم انفتاح الاقتصاد المغربي على
الخارج.
· المناطق الصحراوية: تتصف
هذه المجالات باكرا هات طبيعية من قبيل المناخ والتضاريس، إضافة لمعاناتها من
إكراهات بشرية تتمثل بالأساس في ضعف المستوى التنموي.إلا أن إعطاء العناية لهذه
المناطق، بتأهيل مجتمعها و تنويعه اقتصادها، و خاصة المناطق الممتدة على السواحل الاطلنتية،
أمر سيساهم في الرفع من مردودية هذه المناطق المغربية.
· المدارات المسقية: صنفها
المسؤلون في خانة خاصة، لاعتبارها ذات أهمية خاصة، من حيث ضمان المغرب لأمنه
الغذائي. و من هنا تعمل الجهات المختصة
جاهدة لتجهيز هذه المناطق بالتقنيات الفلاحية العصرية و خاصة على مستوى
السقي.
· مناطق البور: هي الأخرى رهان المغرب في سبيل الأمن الغذائي
الوطني، رغم أنها مناطق تقليدية تتخبط في ظروف طبيعية صعبة. و بالتالي الاهتمام
بهذه المجالات، من خلال تحسين مستوى الساكنة اقتصاديا و اجتماعيا.
· الشبكة الحضرية : تتميز
بتخبطها في دوامة من الأزمات الخانقة على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و
التنظيمي و التجهيزي... . و بناءا على هذا الوضع المتأزم وضع المسؤلون عن سياسة
إعداد التراب الوطني هذه المجالات على قائمة أولويات سياستهم المجالية.
خاتمة
:
خاض
المغرب منذ استقلاله في مجموعة من السياسات التقسيمية و التنظيمية للمجال، إلا أنها
باءت بالفشل بحكم محدودية تنبهها لبعض خصوصيات المجالات المغربية. هذا الأمر حتم
على المسؤلين عن التراب الوطني التفكير في سياسة بديلة، ارتكزت على تجاوز هفوات
السياسات السابقة. هذه السياسة تمثلت في سياسة إعداد التراب الوطني، التي استندت
على خصوصيات المجالات المغربية المختلفة، لبناء سياسة متكاملة.