العالم غداة الحرب العالمية الأولى
إشكالية الوحدة.
شهد العالم مع مطلع القرن العشرين
اندلاع أول حرب اتخذت صبغة العالمية. ورغم أن عملياتها شملت المجال الأوربي فإن
انعكاساتها تجاوزت هذا المجال لتؤثر في مناطق مختلفة من العالم.
- فما هي أهم النتائج البشرية والمادية
للحرب العالمية الأولى؟
- ما هي التحولات الترابية والسياسية
التي عرفها المجال الأوربي بمقتضى مقررات مؤتمر الصلح؟
- ما هي التحولات الاقتصادية التي
عرفتها القوى الاقتصادية داخل أوربا وخارجها؟
1 / مراحل الحرب العالمية الأولى وأهم
نتائجها المادية والبشرية.
1-1/ مراحل الحرب العالمية الأولى.
+ الإطار الزمني والمجالي للحرب
العالمية الأولى:
- الإطار الزمني: امتدت الحرب العالمية
الأولى من غشت 1917 إلى نونبر 1918.
- الإطار المجالي: دارت الحرب العالمية
الأولى بين تحالفين عسكريين:
· دول
التحالف الثلاثي (ألمانيا، النمسا- هنغاريا، إيطاليا) تحول بعد انسحاب إيطاليا وانضمام دول
جديدة إلى تحالف دول الوسط ( ألمانيا، النمسا هنغاريا، الإمبراطورية
العثمانية، بلغاريا).
· دول
الوفاق الثلاثي (روسيا، فرنسا، إنجلترا) تحول إلى دول الحلفاء بعد انضمام الولايات
المتحدة وإيطاليا واليابان...
+ مراحل الحرب العالمية الأولى:
- خطة حرب الحركة: انطلقت الحرب بخطط عسكرية
هجومية قائمة على تصور أنها ستكون سريعة وحاسمة لن تتجاوز بضعة أسابيع.
- خطة حرب المواقع: أمام فشل الخطط الهجومية
وشدة المقاومة دخلت الحرب مرحلة حرب الخنادق التي تميزت بطول مدتها وبنوع من
التوازن بين القوى المتحاربة.
- تحول الحرب لصالح الحلفاء: شكل دخول الولايات
المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانب دول الوفاق في أبريل 1917 عاملا حاسما في تحول
الحرب لصالح دول الحلفاء
2-1 / أهم النتائج البشرية والمادية
للحرب العالمية الأولى.
+ النتائج البشرية: خلفت الحرب العالمية
الأولى أعداد كبيرة من القتلى والجرحى والمفقودين (ألمانيا مليونان، فرنسا 1.4
مليون...)
+ النتائج المادية: خلفت الحرب العالمية
الأولى آثار اقتصادية سلبية على اقتصاد دول أوربا من أبرزها:
- انتشار ظاهرة التضخم المالي بفعل
النقص الحاد في المنتجات الفلاحية والصناعية وفقدان النقود لقيمتها التداولية.
- لجوء أوربا إلى الاستدانة من
الولايات المتحدة الأمريكية لتوفير متطلبات الحرب، فتحولت بعد الحرب من دول دائنة
إلى دول مدينة.
2/ معاهدة الصلح بفرساي وأهم المواقف
منها.
1-2/ أهم بنود معاهدة فرساي 28 يونيو
1919.
+ في المجال العسكري: تجريد منطقة رينانيا من
التسلح، إلغاء الخدمة العسكرية، تحديد عدد القوات العسكرية.
+ في المجال الاقتصادي: فرض غرامات حربية لتعويض
الخسائر والأضرار الناجمة عن الحرب.
+ في المجال السياسي: اقتطاع أجزاء من تراب
ألمانيا وضمه إلى دول مجاورة، اعتراف ألمانيا باستقلال كل من النمسا وبولونيا،
تجريد ألمانيا من مستعمراتها خارج أوربا.
=> كان الهدف من توقيع هذه العقوبات
إضعاف ألمانيا حتى لا تعود إلى تهديد السلم العالمي من جديد.
2-2/ أهم المواقف من معاهدة فرساي.
+ موقف فرنسا: الإصرار على إضعاف ألمانيا
حتى لا تتمكن من الانتقام مستقبلا، وحتى لا تعود إلى فرض هيمنتها من جديد.
+ موقف بريطانيا: عارضت توقيع عقوبات قاسية
على ألمانيا، دعت إلى إعادة بناء اقتصادها.
+ موقف الولايات المتحدة الأمريكية: عارضت موقف فرنسا، اقترحت
تقديم تعويضات إلى فرنسا.
+ موقف ألمانيا: اعتبرت معاهدات السلم
معاهدات مفروضة بالقوة، وطالبت بتحقيق فرص سلام عادل.
3/ التحولات الترابية والسياسية بأوربا
بعد الحرب العالمية الأولى.
1-3/ التغيرات الترابية والسياسية
بأوربا بعد الحرب العالمية الأولى.
+ التغيرات الترابية: عرفت الحدود الترابية داخل
المجال الأوربي تحولات كبيرة:
- اختفاء الإمبراطوريات الأوربية
الكبرى: الإمبراطورية الألمانية، الإمبراطورية النمساوية-الهنغارية، الإمبراطورية
العثمانية.
- اقتطاع أجزاء ترابية من الدول
المنهزمة وضمها للدول المجاورة.
+ التغيرات السياسية: :
- تقسيم الإمبراطورية
النمساوية-الهنغارية إلى دولتين منفصلتين النمسا وهنغاريا.
- ظهور كيانات سياسية جديدة: بولونيا،
تشيكوسلوفاكيا يوغوسلافيا، فنلندا، إستونيا، ليتونيا، لتوانيا.
+ الثورات السياسية: شهدت أوربا بعد الحرب
العالمية الأولى اندلاع مجموعة من ثورات متعددة المطالب:
- في ألمانيا: اندلعت ثورة سنة 1919
طالبت بتنصيب حكومة ذات توجه يساري.
- في فرنسا: اندلعت ثورة سنة 1920
طالبت بتحسين أوضاع العمال في قطاع السكك الحديدية.
- في إيطاليا: اندلعت ثورة ما بين
1919و 1920 طالبت بإقامة حكومة شيوعية على غرار نموذج الثورة الروسية.
2-3/ تنظيم العلاقات الدولية بعد الحرب
العالمية الأولى
+ تأسيس عصبة الأمم: اتفقت الدول الكبرى
المنتصرة في الحرب العالمية الأولى على تأسيس هيئة عامة للأمم قائمة على علاقات
واضحة، عرفت باسم عصبة الأمم (SDN) يكون هدفها
توفير الضمانات للحفاظ على الاستقلال السياسي والوحدة الترابية للدول.
+ الأجهزة التنظيمية لعصبة الأمم: سهرت على تسيير شؤون عصبة
الأمم مجموعة من الأجهزة:
- الأمانة العامة: يرأسها أمين عام،
تتولى مهمة تسيير الشؤون الإدارية وإعداد الوثائق والتقارير.
- الجمعية العامة: ضمت في البداية
الدول المنتصرة والدول المحايدة، تجتمع كل سنة في دورة عادية، وفي دورات
استثنائية. تتولى مهمة التصويت على القرارات والتوصيات، النظر في انضمام أعضاء
جدد، استدعاء المحكمة الدولية، إقرار العقوبات ضد الدول المخالفة.
- مجلس العصبة: ضم خمسة أعضاء دائمين
(فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، اليابان، الولايات المتحدة الأمريكية) وأربعة أعضاء
غير دائمين.
- هيئات تقنية: مثل محكمة العدل
الدولية، المكتب الدولي للشغل، بنك التسويات الدولية والمركز الدولي للتعاون
الثقافي.
4/ مؤشرات تحول الثقل الاقتصادي خارج
أوربا بعد الحرب العالمية الأولى.
1-4/ الوضعية الاقتصادية الجديدة
بأوربا بعد الحرب العالمية الأولى.
+ تطور الوضعية المالية في فرنسا:
اختلت الوضعية المالية بفرنسا بسبب
تقلص حجم المداخيل وتضخم حجم النفقات.
+ تطور مديونية الدول الأوربية:
عرفت مديونية الدول الأوربية تزايدا
كبيرا حيث فرضت تغطية تكاليف ومتطلبات الحرب لجوء أوربا إلى الاقتراض من الولايات
المتحدة الأمريكية. وهكذا ارتفع حجم الديون خلال الفترة ما بين 1913و 1920 في
إنجلترا من 3.3 إلى 38.3 مليار دولار، وفي فرنسا من 6.5 إلى 41.2 مليار دولار، وفي
ألمانيا من 1.2 إلى 42.8 مليار دولار.
+ تراجع مكانة أوربا في العالم:
ترتبت عن الحرب العالمية الأولى
انعكاسات سلبية أثرت بشكل واضح على دول أوربا، فقد فقدت طاقات بشرية هائلة،
واستنزفت ثرواتها المادية، وتعرضت بنياتها الإنتاجية لدمار كبير، وبذلك تراجعت
مكانتها على المستوى العالمي لصالح قوى جديدة.
2-4/ مساهمة الحرب العالمية الأولى في
ظهور قوى اقتصادية جديدة خارج أوربا.
+ بروز قوى اقتصادية جديدة خارج أوربا: ساهمت الحرب العامية
الأولى التوازن بين أوربا والقوى الاقتصادية خارجها، حيث برزت الولايات المتحدة
الأمريكية واليابان كقوى جديدة بدأت تفرض هيمنتها على العالم.
+ مظاهر استفادة الولايات المتحدة من
الحرب:
تحولت و.م.أ خلال الحرب إلى أكبر مزود لأوربا بالأسلحة والمواد التموينية. وبذلك
ارتفع إنتاجها الصناعي بـ%30 والصناعي بـ%40 وتضاعف فائض ميزانها التجاري ست مرات،
وتراكم لديها نصف احتياطي العالم من الذهب، وانتقلت إليها البورصة العالمية.
+ مظاهر استفادة اليابان من الحرب: حلت محل الدول الأوربية في
الهيمنة على أسواق الشرق الأقصى، وارتفع بها الإنتاج الصناعي.
- اتفقت الدول المنتصرة في مؤتمر سان
ريمو على وضع ممتلكات الدولة العثمانية بالمشرق العربي تحت حكم الانتداب الفرنسي
على سوريا ولبنان، والإنجليزي على العراق والأردن وفلسطين.
خلاصة
- استهدفت الدول المنتصرة من وراء
توقيع معاهدات الصلح إضعاف القدرات العسكرية للدول المنهزمة حتى لا تعود إلى تهديد
السلم العالمي.
فكيف ستؤثر هذه التسويات على تطور
العلاقات الدولية خلال فترة ما بين الحربين؟