الثورة الروسية وأزمات الديمقراطيات
الليبراليات.
تقديم
إشكالي:
شهدت روسيا سنة 1917م ثورة أدت إلى سقوط
النظام القيصري وإقامة النظام الإشتراكي السوفياتي.في نفس الوقت واجهت
الديمقراطيات الليبراليات صعوبات وأزمات أدت إلى تفاقم النزعة الديكتاتورية.
- ما السياق التاريخي للثورة الروسية؟وما مراحلها؟
- ما هي خطوات إرساء وترسيخ النظام الاشتراكي
في روسيا بعد الثورة؟
- ما طبيعة الأزمات التي تعرضت لها
الديمقراطيات الليبراليات في فترة ما بين الحربين؟
المقطع
الأول: السياق التاريخي للثورة الروسية ومراحلها:
1- ظروف إندلاع الثورة الروسية:
أ- التناقضات الداخلية:
في مطلع القرن 20م، كانت روسيا تعيش في ظل
نظام قيصري ذو حكم مطلق استبدادي، في نفس الوقت تدهورت الأوضاع في البوادي بهيمنة
الفلاحين الكبار مقابل بؤس الفلاحين الصغار. أما في المدن فقد هيمن الرأسمال
الأجنبي على الصناعة وبالتالي تناقض بين البورجوازية والطبقة العاملة.
ب- دور الحرب العالمية الأولى في إندلاع الثورة الروسية:
انخرطت
روسيا في الحرب العالمية الأولى دون استعداد ونتج عنها هزائم متتالية للجيش وخسائر
بشرية ومادية. من جهة أخرى انعكست الحرب على أوضاع السكان فقلت المواد الغذائية
وارتفعت الأسعار وبالتالي تذمر الشعب من النظام القيصري في العاصمة بيتروغراد واندلاع
احتجاجات واضطرابات انظم إليها الجنود.
2- مرت الثورة الروسية
بمرحلتين:
أ- ثورة فبراير 1917م:
اندلعت مظاهرات في العاصمة بيتروغراد تزعمها
العمال والجنود ضد النظام القيصري وتم تشكيل حكومة بورجوازية مؤقتة وتنازل القيصر
عن العرش.
إتخدت الحكومة البورجوازية المؤقتة عدة تدابير مثل: إطلاق سراح السجناء،
عودة المنفيين لكنها واصلت الحرب.
ب- ثورة فبراير 1917:
عجزت الحكومة المؤقتة عن حل المشاكل وكثرت أخطائها،مما أدى إلى الإطاحة بها
من طرف البلاشفة تحت شعار كل السلطات للسوفييت الأرض والخبز وإنهاء الحرب، هكذا تم
تكوين حكومة اشتراكية عقدت صلح بريست ليتوفيسك مع ألمانيا للإنسحاب من الحرب
العالمية الأولى سنة 1917م.
المقطع
الثاني: خطوات بناء النظام الإشتراكي في روسيا بعد الثورة:
1- عمل لينين على إرساء النظام
الجديد(1917م- 1924م):
أ- مرحلة شيوعية الحرب(1918- 1921م):
إتخد البلاشفة عدة إجراءات لبناء النظام
الإشتراكي:إصدار مراسيم الأرض،السلم،القوميات وتأميم المؤسسات الصناعية.
واجه البلاشفة ثورة مضادة "الثورة
البيضاء" قام بها أنصار النظام القيصري والبورجوازية المدعمة من الدول
الغربية، فتصدى لها البلاشفة بشيوعية الحرب وتنظيم الجيش الأحمر بقيادة تروتسكي .
ب- السياسة الإقتصادية الجديدة(1921- 1928م):
خلفت الحرب أزمة اقتصادية
واجتماعية لذلك نهج لينين السياسة الإقتصادية الجديدة تميزت بنهج سياسة مرنة في
تنزيل المبادئ الاشتراكية واعتماد تدابير رأسمالية مثل السماح للفلاحين ببيع فائض
الإنتاج والاقتصار على الضريبة العينية والتراجع عن تأميم المقاولات الصناعية
الصغرى،تشجيع الاستثمار والانفتاح على التكنولوجيا والتسويق مع محافظة الدولة على
حقها في المراقبة.
2- عمل سياسة على ترسيخ النظام
الإشتراكي:
بعد وفاة لينين سنة1924م احتدم الصراع بين
ستالين وتروتسكي،فتمكن ستالين من التخلص من خصومه وفرض تصوره في بناء النظام
الإشتراكي واعتمد سياسة التخطيط تمثلت في التصاميم الخماسية التي احتكرت الدولة
تطبيقها،وأهم إجراءاتها:
- اعتماد النظام الزراعي التعاوني بتشجيع
الأراضي في إطار الكولخوزات والسوفخوزات وإدخال المكننة.
- تأميم المصانع والتركيز على الصناعة
الثقيلة،مع الإهتمام بتنمية المراكز الصناعية الجديدة.
- تطوير المواصلات وتأميم التجارة.
بفضل هذه الإجراءات تمكن الإتحاد السوفياتي من تحقيق فائض الإنتاج
الفلاحي،مع احتلال الصدارة عالميا في الصناعة الثقيلة وتحسين أدائه الإقتصادي
وتفادي أزمة1929م.كما تزايد عدد سكان المدن وتقلصت الفوارق الإجتماعية وتلاشي فئة
الملاكين الكبار.
على العموم تحول الإتحاد السوفياتي إلى قوة عالمية تنافس البلدان
الرأسمالية.
المقطع
الثالث:أزمات الديمقراطيات الليبراليات الغربية في فترة ما بين الحربين:
1- شهدت فرنسا أزمة عامة في
فترة ما بين الحربين:
* سياسيا:
-
التخوف من التأثر بالتغيرات السياسية الحاصلة في أوربا بعد صعود أنظمة
جديدة(البولشفية، الفاشية، ...).
- ضعف الحكومة أمام البرلمان وعدم تشكيل
أغلبية متجانسة.
* اقتصاديا:
- تضررت فرنسا من مخلفات الحرب، أزمة مالية،
تضرر العملة، عجز في الميزان التجاري وأزمة اقتصادية شاملة.
* اجتماعيا:
- أثرت مخلفات الحرب على البنية
السكانية،فتراجع مستوى عيش الفئات الإجتماعية وتزايدت نسبة البطالة واندلعت
الإحتجاجات والمظاهرات.
2- مظاهر الأزمة في إيطاليا
بعد الحرب العالمية الأولى:
* اقتصاديا:
- تراجع الإنتاج الصناعي+ ارتفاع الأسعار+ تضرر
السوق الداخلية، التضخم+نقص في المواد الغذائية + عجز في الميزان التجاري.
* اجتماعيا:
- خيبة أمل السكان وغضبهم من ضعف الحكومة
وتراجع الأجور.
- تدهور وضعية الفلاحين والعمال وتأثرهم
بالأفكار الاشتراكية، مظاهرات واضطرابات واحتجاجات.
* سياسيا:
- أزمة سياسية+تعدد الأحزاب + ضعف المؤسسات
التشريعية والتنفيذية.
خاتمة:
إذا كانت الديمقراطيات الليبراليات قد شهدت أزمات في فترة ما بين
الحربين،فإن سياسة التخطيط مكنت الإتحاد السوفياتي من أن يصبح قوة عالمية تفادى
أزمة 1929م.
مصطلحات ومفاهيم:
- الثورة الروسية:
يطلق على ثورتين في روسيا: الأولى في فبراير 1917م أدت إلى سقوط النظام
القيصري،والثانية في أكتوبر1917م أدت إلى قيام أول دولة اشتراكية في العالم.
- الديمقراطيات الليبراليات:
يقصد بها دول أوربا الغربية التي نهجت نظاما ليبراليا وإقتصاد
رأسمالي،وواجهت أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية بعد الحرب العالمية الأولى ومنها
فرنسا وإيطاليا.
- لينين:
زعيم الثورة الروسية ومؤسس الحزب البولشفي والذي أعاد تنظيمه رفقة ستالين.
- ستالين:
الزعيم الثاني للإتحاد السوفياتي بعد لينين،قام بنقل الإتحاد السوفياتي من
مجتمع زراعي إلى مجتمع صناعي عن طريق سياسة التخطيط.
- السياسة الإقتصادية الجديدة:
سياسة طبقها لينين في إطار البناء الإشتراكي ما
بين1921م و1924م للخروج من الأزمة تتضمن إجراءات انتقالية نحو الرأسمالية.
- سياسة التخطيط:
نهجها ستالين،وتقوم على أساس تصاميم خماسية،تميزت باعتماد برامج ومخططات
استهدفت تطبيق المبادئ الاشتراكية وتحويل الإتحاد السوفياتي إلى قوة اقتصادية.
- النظام الإشتراكي السوفياتي:
نظام سياسي واقتصادي واجتماعي عمل لينين على
بنائه بينما قام ستالين بترسيخه،ويقوم على أساس الحزب الوحيد والملكية العامة
لوسائل الإنتاج.