مقدمة:
تعاني المجتمعات الحديثة من انتشار ظاهرة الفساد الإداري القائمة على استغلال
بعض المسؤولين لمناصبهم في تحقيق مصالح وامتيازات خاصة. فما هي أهم أسس تخليق
الحياة العامة؟ وما هي أبرز مظاهر الفساد الإداري؟
І- تساهم عدة
آليات في تخليق الحياة العامة:
1- مفهوم تخليق الحياة العامة:
يقوم مفهوم تخليق الحياة العامة على محاربة الفساد الإداري وإصلاح الإدارة
بهدف حماية المصلحة العامة، وترسيخ قيم الشفافية والنزاهة وتكافئ الفرص، ولا يتحقق
ذلك إلا بتقوية النظام الديموقراطي واحترام حقوق الإنسان وتكاثف الجهود بين
المرافق العمومية وجمعيات المجتمع المدني والأفراد.
2- آليات تخليق الحياة العامة:
يقوم تخليق الحياة العامة على مدى تطبيق الآليات التالية:
ــ الآلية الثقافية: تكمن في نشر القيم الدينية والحضارية القائمة على الشفافية والمحاسبة والنزاهة
وتغليب المصلحة العامة.
ــ الآلية المعرفية الإخبارية: تقوم على رصد أشكال الفساد وتعميق المعرفة بها لدى المواطنين.
ــ آلية التحسيس والتوعية: فضح وسائل الإعلام لأشكال الفساد، وقيام مؤسسات المجتمع المدني بتوعية
المواطنين وتحسيسهم بآثاره السلبية.
ــ الآلية القانونية: تتجلى في فرض احترام القانون على الجميع وإصلاح الجهاز القضائي والأمني
والمالي.
ІІ- تعاني المجتمعات من انتشار ظاهرة
الرشوة:
1- مفهوم الرشوة وأشكالها:
نجمت ظاهرة الرشوة عن استغلال الموظف (المرتشي) لسلطته السياسية أو الإدارية
أو القضائية أو الاقتصادية لخدمة مصالحه الخاصة، أو رغبة بعض المواطنين (الرّاشي)
في الحصول على امتيازات وحقوق غير قانونية، أو استرجاع حقوق مسلوبة. وتتخذ الرشوة
شكلين أساسين:
أ – ينتشر في الإدارات العمومية خلال علاقاتها مع المواطنين، وتعاني منها الفئات
الفقيرة والمستضعفة، وينتج عنها المس بكرامة الإنسان.
ب – ينتشر في قطاعات اقتصادية واسعة، ويعاني منه رجال الأعمال والمستثمرون، وينتج عنه التلاعب في الصفقات العمومية.
2- محاربة ظاهرة الرشوة:
تنص الشرائع الدينية والقوانين الوضعية على تجريم المتعاملين بالرشوة، فالإسلام
يلعن المتعاملين بها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الله الراشي
والمرتشي)، ويعاقب القانون الجنائي المغربي كل من حاول الحصول على امتيازات مقابل
هدايا نقدية أو عينية بالسجن والغرامة المالية. ومن جهة أخرى يرفض المجتمع المدني
ظاهرة الرشوة باعتبارها إجهاضا للديموقراطية وخرقا لحقوق الإنسان.
خاتمة:
رغم الجهود المبذولة لتخليق الحياة العامة والقضاء على مظاهر الفساد الإداري
من رشوة واستغلال النفوذ، فإنها تبقى غير كافية نظرا لعدم نزاهة بعض المسؤولين،
وضعف المحاسبة القائمة على مبدإ: "من أين لك هذا"