الحركات الإستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا
تقديم إشكالي:
خضعت الجزائر وتونس للاحتلال
الفرنسي وليبيا للاحتلال الايطالي، مما ساهم في بروز حركات وطنية استغلت ظروف
الحربين العالميتين فطورت نضالاتها بهدف الحصول على الإستقلال .
- ما ظروف نشأة الحركات الوطنية في البلدان
الثلاثة؟
- ما الخصائص التي ميزت مقاومتها في فترة مابين
الحربين؟
- ما التطورات التي أدت إلى إستقلال البلدان
الثلاثة بعد الحرب العالمية الثانية؟
المقطع الأول : ظروف نشأة
الحركات الوطنية بكل من الجزائر وتونس وليبيا :
1- مظاهر الإستيطان الإستعماري بالجزائر وتونس وليبيا:
أ- في الجزائر:
بعد احتلالها للجزائر عملت
فرنسا على تشجيع الاستيطان فقد شجعت الهجرة إلى الجزائر، فتزايدت أعداد المعمرين
المتوافدين خاصة الفرنسيين.من جهة أخرى أصدرت فرنسا قوانين التجنيس وعملت على
السيطرة على أجود الأراضي بطرق مختلفة.
ب- في تونس:
بعد فرض الحماية عملت فرنسا على استغلال خيرات
تونس، فشجعت توافد المهاجرين خصوصا الفرنسيين والإيطاليين، كما أصدرت مراسيم
لتسهيل سيطرة الأجانب على الأراضي .
ج- في ليبيا:
باحتلالها ليبيا عملت إيطاليا
على السيطرة على أجود الأراضي وتوزيعها على المعمرين اللذين يتوافدون على ليبيا،
كما أصدرت مراسيم تشجع تمليك الأراضي للأجانب.
تتشابه مظاهر وأساليب
الاستيطان الإستعماري في البلدان الثلاثة بحكم أن المستعمر واحد في الجزائر
وتونس،بينما تختلف وضعية ليبيا خاصة بعد وصول الفاشيين إلى السلطة واتخذوا إجراءات
صارمة.
2الانعكاسات الإجتماعي والسياسية للاستيطان الإستعماري على
البلدان الثلاثة:
أ- في الجزائر:
تدهورت وضعية الفلاحين بعد
فقدانهم أراضيهم،وأصبحوا عمالا بأجور ضعيفة،وفي المدن تام التضييق على البورجوازية
المحلية وتعرض العمال للاستغلال.
بروز الشعور الوطني تمثل
في حركات طالبت بالإصلاحات مثل حركة الأمير خالد الذي تزعم الإحتجاجات،ثم برزت
أحزاب سياسية.
ب- في تونس:
تدهور الأوضاع الاجتماعية في تونس بتراجع
الأجور، عدم المساواة، طول ساعات العمل، الفقر.
ظهور أحزاب سياسية وطنية
حاولت تغيير الأوضاع مثل حزب تونس الفتاة الذي طالب بالدستور.
ج- في ليبيا:
واجهت الحركة لسنوسية الاحتلال
الإيطالي في مختلف المناطق معتمدة حرب العصابات وسرعة الحركة،لكنها لم تتمكن من
الصمود في وجه القوة العسكرية للفاشيين.
انعكس الاستيطان الاستعماري
سلبيا على أوضاع البلدان الثلاثة فكانت بداية بروز الحركة السياسية في الجزائر
وتونس،في وقت واجهت الحركة السنوسية الاحتلال الإيطالي بليبيا بالعمل المسلح.
المقطع الثاني:خصائص الحركات الوطنية بالجزائر وتونس
وليبيا في فترة ما بين الحربين:
1- شهدت الحركة الوطنية الجزائرية تحولات في فترة
الثلاثينيت:
ساهمت عدة تحولات في بروز
تيارات في الحركة الوطنية بالجزائر:
- جمعية علماء المسلمين الجزائريين:
أسسها عبد الحميد بن باديس 1931م وعملت على توعية الشعب الجزائري وطالبت
بإصلاحات إدارية واقتصادية واجتماعية مع الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية
للجزائر،اعتمدت على وسائل سلمية ولم تطالب بالقطيعة مع فرنسا.
- نجم شمال افريقيا:
أسسها مصالي الحاج سنة 1926م
وتجولت إلى حزب الشعب 1937م،عارضت سياسة الإدماج وطالبت باستقلال.
- الإتحاد الشعبي الجزائري:
تزعمه فرحات عباس سنة 1938م طالب
بإصلاحات سياسية واقتصادية تمكن من ارتباط الجزائر وإدماجها في فرنسا.
2- تحولات الحركة الوطنية في ىتونس خلال فترة
ما بين الحربين:
تأسس الحزب الدستوري سنة 1920 من طرف الثعالبي
وطالب بإصلاحات اقتصادية واجتماعية وسياسية تضمن للتونسيين حقوقهم.
في سنة 1934 تأسس الحزب
الدستوري الجديد وتزعمه الحبيب بورقيبة،وقدم وثيقة التدابير المستعجلة تتضمن
إصلاحات ليبرالية وعلمانية أبرزها المساواة بين التونسيين والأجانب،إجبارية التعليم،توقي الإستعماري الفلاحي،تكوين حكومة
وبرلمان.
3- تحولات الحركة الوطنية في ليبيا خلال الثلاثينيات:
قاد الليبيون كفاحا مسلحا ضد الاحتلال الإيطالي
بزعامة عمر المختار ما بين 1923م و1931م، فحققوا انتصارات هامة ونظرا لتفاوت القوة
تمكنت إيطاليا من القضاء على المقاومة الليبية وإعدام زعيمها.
تتشابه إذن تطورات الحركة الوطنية في كل من تونس
والجزائر اللتان اعتمدتا العمل السياسي للمطالبة بالإصلاحات،في حين اعتمدت ليبيا
الكفاح المسلح وتأخر ظهور الأحزاب فيها.
المقطع الثالث:تطورات الحركات الإستقلالية في البلدان
الثلاثة بعد الحرب العالمية الثانية:
1- إنتقلت الحركات الوطنية بالبلدن الثلاثة نحو المطالبة
بالاستقلال:
*الجزائر:
استغلت الحركة الوطنية الجزائرية ظروف الحرب
العالمية الثانية للمطالبة بالإستقلال،فربط الجزائريون مشاركتهم في هذه الحرب بوضع
دستور للبلاد.
قدم مجموعة من النواب
الجزائريين سنة 1943م وثيقة إلى الحلفاء مستغلين تصريح روزفلت للمطالبة بالإستقلال.
*تونس:
في ظروف الحرب العالمية الثانية تحولت الحركة
الوطنية التونسية نحو المطالبة بالإستقلال،واصدر المؤتمر الوطني التونسي 1946م
والذي حضرته مختلف الأطراف والنقابات ميثاقا طالب فيه بإلغاء الحماية الفرنسية.
أكد الزعيم النقابي فرحات
حشاد على ضرورة التنسيق بين النقابات والحركات العمالية في البلدان المغاربية
وتوحيد الجهود لمواجهة عدو واحد هو الإستعمار الفرنسي.
*ليبيا
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية حاولت
البلدان الغربية استصدار قرار من الأمم المتحدة لتقسيم ليبيا بين كل من إنجلترا
وفرنسا وإيطاليا،هذا المشروع الذي رفضه الوطنيون الليبيون اللذين تكتلوا حول
المجلس الوطني لتحرير ليبيا الذي قدم مذكرة سنة1947م مطالبين باستقلال ووحدة
ليبيا.
استغلت إذن الحركات الوطنية في البلدان الثلاثة
ظروف الحرب العالمية الثانية وما بعدها للمطالبة بالإستقلال واعتمدت العمل
السياسي.
2- تمكنت البلدان الثلاثة من تحقيق الإستقلال خلال فترة الخمسينات:
*الجزائر:
تأسست جبهة التحرير الوطني سنة
1954م بقيادة أحمد بن بلة،وشهدت هذه المرحلة عدة تطورات:
- إندلاع الثورة الجزائرية بقيادة جبهة التحرير الوطني منذ 1954م ضد
الاستعمار الفرنسي وتأسيس جيش التحرير والاعتماد على العمل المسلح.
- تشكيل حكومة جزائرية مؤقتة واستمرار الثورة،وقد حظيت هذه الحكومة بدعم
الصين والإتحاد السوفياتي والبلدان العربية.
- مساندة المغرب للثورة الجزائرية بدعمها بالسلاح وفتح الحدود.
أمام تصاعد الثورة اضطرت فرنسا إلى الدخول في
مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني انتهت بتوقيع إتفاقية إيفيان في 2مارس 1962م
وتنظيم استفتاء في 1يوليوز1962 ليتم الإعلان عن إستقلال الجزائر سنة 1962م.
*تونس:
تزعم الحزب الدستوري الجديد بقيادة الحبيب
بورقيبة الكفاح من أجل إستقلال تونس،وقام بعمليات فدائية وفي ماي 1955م انطلق
المفاوضات بين فرنسا والحركة الوطنية بتونس انتهت بإعلان إستقلال تونس في
20مارس1956م وفي يوليوز 1956م تم إعلان الجمهورية التونسية.
*ليبيا
بعد رفض الأمم المتحدة مشروع تقسيم
ليبيا،دخلت إيطاليا في مفاوضات مع الوطنيين الليبيين إنتهت بإعلان إستقلال ليبيا
سنة 1951م وإعلان الأمير إدريس السنوسي ملكا.
تمكنت إذن كل من الجزائر وتونس
من تحقيق الإستقلال بالاعتماد على العمل السياسي الذي تخلله كفاح مسلح في
الخمسينات،في حين أن إستقلال ليبيا حصل عن طريق المفاوضات.
خاتمة:
حصلت إذن الجزائر وتونس
وليبيا على الاستقلال بعد نضال طويل لتشرع في بناء الدولة الحديثة.
مصطلحات ومفاهيم:
- الحركات الاستقلالية:
حركات تحررية قاومت الإستعمار عرفتها بلدان المشرق العربي كالعراق وسوريا،وفي المغرب الكبير مثل الجزائر وتونس وليبيا،دخل نضالها بعد الحرب العالمية الثانية مرحلة حاسمة انتهت باستقلال هذه البلدان.