تمهيد إشكالي:
منذ أواخر
القرن 19م تطورت الحركة الصهيونية التي تحالفت مع الانتداب البريطاني لتحقيق
المشروع الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين.
- فما هي
جذور القضية الفلسطينية؟
- ما هي
أشكال التمركز الصهيوني بفلسطين فيما بين الحربين؟
- ما هي
ردود فعل الفلسطينيين إزاء هذا التمركز؟
1/ أشكال ومظاهر التمركز الصهيوني بفلسطين
1-1/ بداية التسرب الصهيوني إلى فلسطين إلى غاية 1917م
تبلور
مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين عبر سلسلة من المخططات الاستعمارية:
+
التسرب الاقتصادي: بدأ التسرب الصهيوني إلى فلسطين في
شكل حملة لشراء الأراضي الفلسطينية، وتوطين اليهود المهاجرين من أوربا وإقامة
مستعمرات لليهود على أرض فلسطين، بلغ عددها إلى حدود سنة 1917م حوالي 47 مستعمرة
فوق أراضي بلغت مساحتها
+ ظهور
الحركة الصهيونية: تطورت الصهيونية من مرحلة الدعوة
إلى جمع شتات اليهود وتخليصهم مما سمي اضطهاد اليهود في أوربا الشرقية إلى مرحلة
الحركة السياسية عندما عقد الصهاينة "المؤتمر الصهيوني العالمي الأول"
في مدينة بال بسويسرا (29-31 غشت 1897)، والذي خرج بمجموعة من المقررات:
- هدف
الصهيونية هو إقامة وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام (أي اعتراف
الدول العظمى)
- توطين
أرض فلسطين باليهود المزارعين والحرفيين والمهنيين.
- تنظيم
يهود العالم وتجميعهم بواسطة مشاريع محلية وعامة حسب قوانين كل بلد.
- تقوية
الشعور القومي اليهودي والهوية القومية اليهودية.
- القيام
بأعمال تحضيرية للحصول على موافقة حكومات الدول الأوربية.
+
التقرب من القوى الاستعمارية: اتجه زعماء الحركة
الصهيونية نحو التقرب بريطانيا في إطار
تبادل المصالح للحصول على موافقتها على المشروع الاستيطاني الصهيوني بأرض فلسطين
مقابل رعاية مصالح بريطانيا في المشرق العربي (قناة السويس).
+
الحصول على غطاء سياسيي: استغل الصهاينة ظروف الحرب
العالمية لإقناع بريطانيا بمشروعهم الاستيطاني، فتمكنوا من الحصول على "وعد
بلفور" في 2 نونبر 1917 والذي نص على وعد بريطانيا بمنحهم أرض فلسطين لإقامة
وطن قومي لليهود عليها.
2-1/ مظاهر وأشكال التمركز الصهيوني بفلسطين فيما بين الحربين.
تميزت
فترة ما بين الحربين بتدعيم التمركز الصهيوني بفلسطين:
+ صدور
صك الانتداب البريطاني: أصدرت عصبة الأمم في 24 يوليوز1922م) صك الانتداب البريطاني على
فلسطين، والذي نص على:
- تخويل
بريطانيا مهمة وضع فلسطين في أوضاع سياسية واقتصادية وإدارية ملائمة لإنشاء وطن
قومي لليهود؛
- إنشاء
وكالة يهودية للتعاون مع سلطات الانتداب من أجل إنشاء الوطن القومي اليهودي؛
- قيام
سلطات الانتداب بتسهيل هجرة اليهود وتوطينهم بالأراضي الفلسطينية.
- قيام
سلطات الانتداب بسن قانون للجنسية يسهل اكتساب اليهود للجنسية الفلسطينية.
- اعتماد
الإنجليزية والعربية والعبرية لغات رسمية لفلسطين.
+ دعم
السياسة البريطانية: شرعت بريطانيا فور احتلالها
فلسطين في التمهيد لإقامة "الوطن اليهودي" عبر مجموعة من الإجراءات:
- إصدار
قوانين جديدة تسهل انتقال الأراضي العربية لليهود؛
- تسهيل
حركة الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين؛
- إثقال
الفلاحين بالضرائب وإرغامهم على الاقتراض من المرابين بفوائد مرتفعة لتأديتها مما
يدفعهم إلى بيع الأراضي لتسديد الديون؛
- دعم
المشاريع الاقتصادية اليهودية في فلسطين من خلال منح الامتيازات، الإعفاءات الجمركية،
حماية المنتجات الصناعية من المنافسة، السيطرة على الموارد الطبيعية؛
- طرد
وتهجير السكان العرب من الأراضي الفلسطينية وتوطينها باليهود المهاجرين.
3-1/ أشكال التمركز الصهيوني بفلسطين بين سنتي 1939 و1948
تميزت
فترة ما بين سنتي 1939 و1948 باتخاذ إجراءات فعلية لإقامة دولة يهودية على أرض
فلسطين:
+
إنشاء تنظيمات عسكرية لحماية المستوطنات اليهودية:
كون الصهاينة ثلاث تنظيمات عسكرية سرية لتدعيم الاستيطان بفلسطين: "أرغون
هاغانا" عبارة عن تنظيم شبه رسمي لحماية المستوطنات اليهودية، "زفاي
لومي" تنظيم يعتمد العمل الإرهابي ضد السكان العرب، "شترن" تنظيم
أكثر تطرفا وإرهابا.
+
استغلال ظروف الحرب الباردة للحصول على دعم المعسكر الرأسمالي: استغلت الصهيونية ظروف الحرب الباردة لتعرض على التحالف
الإنجليزي-الأمريكي مساعدتها على إقامة دولة يهودية بفلسطين تكون قاعدة متقدمة في
الصراع ضد الاتحاد السوفياتي.
+
الحصول على دعم الأمم المتحدة للمشروع الصهيوني: دعمت
الولايات المتحدة الأمريكية المشروع الصهيوني أمام هيئة الأمم المتحدة التي أصدرت
في 29 نونبر 1947 قرارا بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى يهودية. ليعلن
الصهاينة بعد انسحاب إنجلترا من فلسطين عن قيام "دولة إسرائيل" في 14
ماي 1948.
2/
ردود الفعل الفلسطينية إزاء التمركز الصهيوني
1-2/
بعض مظاهر المقاومة السلمية للتمركز الصهيوني بفلسطين
اتخذت
المقاومة السلمية للتمركز الصهيوني بفلسطين مظاهر متعددة:
+
أنشطة التوعية داخل فلسطين: تزعمتها بعض الجمعيات مثل
"الجمعية الخيرية الإسلامية"، "جمعية الإخاء والعفاف"
و"جمعية مقاومة الصهيونية". اعتمدت في أنشطتها على الخطب في المساجد وفي
الكنائس، إصدار الفتاوى، الصحف والمجلات والدوريات، والمظاهرات وغيرها. ارتكزت
أنشطتها على توعية الرأي العام بمخاطر الهجرة اليهودية إلى فلسطين والدعوة إلى
توقيفها، حماية الأراضي والممتلكات من
خلال إصدار فتاوى تحرم بيع الأراضي، مقاطعة أداء الضرائب والبضائع الصهيونية.
+
أنشطة دبلوماسية في الخارج: تزعمتها بعض التنظيمات
مثل "اللجنة العربية العليا" و"اللجنة الوطنية للمؤتمر الإسلامي
المسيحي". اعتمدت في أنشطتها إنشاء صناديق عربية لتمويل شراء الأراضي،
والتعريف بالقضية الفلسطينية على مستوى عصبة الأمم وتمثيل المقاومة الفلسطينية على
المستوى العربي.
2-2/ بعض نماذج المقاومة المسلحة بفلسطين في مرحلة ما بين
الحربين
أمام عدم
جدوى المقاومة المسلحة اتجهت المقاومة الفلسطينية نحو العمل المسلح لمواجهة
التمركز الصهيوني.
+
دوافع اندلاع المقاومة الفلسطينية المسلحة:
- تصاعد
تحرك السياسة البريطانية نحو تنفيذ وعد بلفور من خلال فتح الأبواب أمام تدفق
الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
- مصادرة
أراضي الفلسطينيين وتوطينها باليهود المهاجرين.
- تسهيل
قيام "الوكالة اليهودية" ببناء المستوطنات للمهاجرين اليهود.
- مساعدة
اليهود على إقامة مؤسسات تمهيدا لإقامة الدولة اليهودية.
+ مظاهر المقاومة الفلسطينية المسلحة:
- ثورة
البراق: اندلعت عقب صلاة الجمعة يوم28 غشت 1929 حيث تجمع الفلسطينيون في الحرم
القدسي لحماية حائط البراق الذي حاول الصهاينة الاستيلاء عليه، وانتشرت الثورة
لتعم كافة المدن الفلسطينية. واجهت سلطات الانتداب البريطاني الثورة باستعمال
القوة العسكرية.وتم إرسال لجنة "Walter Shaw"
لبحث أسباب الثورة، والتي أوصت بتطبيق بنود صك الانتداب بشكل يضمن مصالح اليهود
وبتنظيم ومراقبة الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
- الثورة
الفلسطينية الكبرى: اندلعت سنة 1936 في شكل إضرابات ومظاهرات وعمليات مسلحة لوضع
حد لإقامة المؤسسات الصهيونية بفلسطين. من أبرز قادتها محمد أمين الحسيني. واجهتها
سلطات الانتداب بقوة، وأرسلت لجنة "Peel"
التي أوصت بإنهاء الانتداب وأقرت مشروع تقسيم فلسطين إلى ثلاث مناطق: عربية،
يهودية، ومنطقة محايدة (القدس وبيت لحم).
- ثورة
1937: اندلعت ضد مشروع تقسيم فلسطين في شكل هجومات على مراكز الشرطة والمستوطنات
اليهودية. واجهها التحالف البريطاني الصهيوني بقوة. وأرسلت بريطانيا لجنة "Mac Donald" في ماي 1939، والتي أقرت إقامة دولة فلسطينية والحد من الهجرة
اليهودية ووضع دستور.
